فتنة العصـــــــر
أمين بن بخيت الزهراني
بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
تتنوع مكائد الشيطان.. وتتغير أساليبه بحسب الزمان والمكان..
فهو لا يكلّ ولا يفتر، ليظهر لنا في كل عصر بصورة مختلفة.. وحيلة جديدة ..
الأمر الذي يعكس مدى العداوة بينه وبين بني آدم.. والتي أقسم عليها حين طُرِد من الجنة فقال {فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} ص:82.
فأوقع الناس في الشرك وزين لهم الرذيلة وزرع بينهم العداوة { إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا} الإسراء:٥٣
وظل فترة من الزمن يرهب الناس على أيدي الطغاة وعلى أيدي السحرة والمشعوذين والكهنة.. فنشر الخرافة وعبّدهم للبشر والحجر والشجر والقبر{ إِنَّمَا ذَٰلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } آل عمران:١٧٥
وفي هذا العصر.. الذي انتشر فيه الوعي والعلم والحضارة والثقافة في البشرية ظهر إبليس بمكيدة جديدة وخطيرة تكاد تنطلي على البشرية.
ألا وهي حيلة تجاهل الناس لوجوده بل وإنكارهم لوجوده !!
هذا الإنكار تعيشه الشعوب الشيوعية الملحدة والغربية العلمانية.. والذين لديهم مشكلة كبرى مع كل الغيبيات.. فلا يؤمنون إلا بكل ما هو محسوس.. فانتشر الإلحاد كردة فعل على الخرافات التي عشعشت فيهم وغيبت عقولهم وجعلتهم يعيشون في عصور الظلام.. غارقين في أوحال الشرك والجهل..
تلك العصور المظلمة التي تسلط عليهم فيها إبليس وعبّدهم للشجر والحجر والبشر والبقر.. في الوقت الذي كانت تعيش فيه الشعوب المسلمة عصورها الذهبية في العلم والمعرفة وكانوا من عباد الله الذين قال فيهم سبحانه { إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ }. الحجر:42
ولما خبا نور العلم وانتشر الجهل في الشعوب المسلمة.. توجه إبليس إليها بقضه وقضيضه ليستعمرها قبل أن يقع عليها أي استعمار بشري! وأعادها إلى عصور الخرافة والشرك من جديد.. فكانت لقمة سائغة للأعداء..
ولكن من رحمة الله بهذه الأمة أنه يقيض لها من يجدد لها دينها كلما انحرفت عنه..
انتفض العلماء في العقود المتأخرة محذرين من الشرك وتقديس الأضرحة والطغاة، كاشفين أحابيل إبليس وأَتْباعه من أهل الشرك والسحر والدجل والشعوذة.. فأثمرت جهودهم صحوة ووعياً وتوحيداً خالصاً لله وحده.. حتى وصل الناس إلى ما وصلوا إليه ألآن من وعي..